كما يراه مفكرون وخبراء برنامج حزب الإخوان .. إيجابيات وسلبيات



اسلا اون لاين إعداد - محمد بهاء

د. ضياء رشوان
انتقد عدد من الخبراء والمفكرين المصريين
برنامج حزب الإخوان المسلمين المزمع الإعلان عنه – والذي انفردت إسلام أون لاين بنشر النسخة شبه النهائية له – واعتبره هؤلاء ردة إلى الوراء، وقفزا علي آليات الديمقراطية المتعارف عليها، كما وصفه البعض بالصدمة والبدعة.مفكرون وخبراء آخرون نظروا للبرنامج نظرة أخرى، حيث قرروا أنه كما يحوي بعض السلبيات إلا أنه لا يخلو من إيجابيات.انصبت معظم الانتقادات التي وجهها هؤلاء المفكرون والخبراء على عدة نقاط في البرنامج، أهمها: اقتراح الإخوان بإنشاء مجلس أعلى للفقهاء تكون له صلاحيات رقابية واسعة، واستبعاد غالبية الشعب المصري من الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، استنادا لآراء فقهية مردود عليها.
الدكتور ضياء رشوان - مدير تقرير الحالة الدينية والباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية – قال: "إن برنامج حزب الإخوان خرج بالشكل الذي مثل لنا جميعا صدمة، فلم يكن هذا البرنامج هو المأمول من جماعة بحجم الإخوان المسلمين".
واعتبر رشوان البرنامج انتصارا للخط الدعوي داخل الجماعة على الخط السياسي، مما يؤكد أن هذه الجماعة التي خرج منها الحزب هي جماعة أقرب للطبيعة الدينية منها للطبيعة السياسية.
بدعة البرنامج
كذلك وصف رشوان ما ورد في برنامج حزب الإخوان بـ "البدعة"، معللاً ذلك بورود نماذج وأشكال غريبة من الحكم ليس لها علاقة بالإسلام من قريب أو بعيد. وضرب مثالاً لذلك بـ "المجلس الأعلى للفقهاء"، والذي اقترح الإخوان في برنامجهم إنشاءه لمراقبة القوانين، وقال رشوان: "هذا المجلس بدعة مختلقة، لم ترد في الحكم أيام النبي ولا بعده، ولا في نماذج الحكم الموجودة على الساحة".
وأضاف الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية: "إن مقترح الإخوان بإنشاء هذا المجلس لم يرد أيضا في شكل ولا مضمون كافة الأحزاب السياسية التي تنتمي للجماعة في الخارج، ولا حتى القريبة من الجماعة، كحزب العدالة والتنمية في تركيا والمغرب، وحزب جبهة العمل الإسلامي في الأردن، وجبهة الإنقاذ في الجزائر".وقرر الدكتور ضياء رشوان أن مقترح إنشاء هذا المجلس يطيح بما لا يدع مجالاً للشك بكل الكلام الذي يروجه الإخوان عن المواطنة، كما ينسف هذا المجلس كلام الإخوان عن الديمقراطية وصفها ضياء بـ "المزعومة"، في ظل وجود هذا مقترح بهذا الشكل.
كما أشار رشوان إلى أن تعريف عالم الدين أو الفقيه الذي يختار في المجلس الأعلى للفقهاء وتكون له صلاحية المراقبة لم يكن محددا في البرنامج، وقال: "لم يحدثنا البرنامج عن العلماء الشيعة ووضعيتهم من هذا المجلس، وهل يقصدون بالعالم ذلك الذي ينتمي للمؤسسة الدينية الرسمية؟! وما توصيف العلماء من خارج هذه المؤسسة من وجهه نظرهم؟".
قفز على الديمقراطية
واعتبر الدكتور ضياء رشوان أن حديث الإخوان عن مجلس أعلى للفقهاء هو قفز على الديمقراطية؛ لأنها تمثل جهة رقابية سابقة لمؤسسات تشريعية كالبرلمان، وليست لاحقة، وقال: "هذه إجراءات قد تخالف الآليات المتعارف عليها فيما يتعلق بالديمقراطية، وهي تعكس في نفس الوقت الخطأ الذي وقع فيه البرنامج، وهو فكرة إحياء الدولة الدينية والتي يتحكم فيها رجال الدين، وليس الدولة المدنية كما حاول الإخوان إقناعنا بها في صدر برنامجهم من خلال المقدمة الطويلة في بدايته".
وأضاف رشوان: "البرنامج بصورته الحالية يستبعد أكثر من 60% من المصريين من فرصة تولي منصب رئيس الجمهورية أو الترشح لهذا المنصب من الأصل؛ ذلك لأن البرنامج يشترط أن من يتولى هذا المنصب أو يتقدم له لابد أن يكون مسلما ذكرا، وبالتالي فإن حوالي 51% من الشعب المصري لا يحق له التقدم لهذا المنصب؛ لأنهم حسب آخر تقديرات جهاز الإحصاء والتعبئة من النساء، مضافا لهم عدد تقريبا 9 % أقباط".
وأكد رشوان أن هذا يخالف اجتهادات أخرى لعلماء في قامة يوسف القرضاوي، وطارق البشري، ومحمد سليم العوا، ومحمد عمارة، فيما يتعلق بمنصب رئيس الجمهورية، حيث يعتبر كل هؤلاء هذا المنصب من الولايات الخاصة وليست العامة، في ظل توصيف الدولة المدنية، والتي توزع فيها الصلاحيات بين مؤسسات عدة، وتقريبا يكون منصب رئيس الجمهورية منصبا شرفيا، حيث لا ينفرد بالقرار.
وأنهى الدكتور ضياء رشوان حديثه بالتشكيك في أن الإخوان سيقومون بإجراء تعديلات على برنامجهم وفق ما طرحه هو وغيره من المفكرين بشأن ما رأوه من مناطق خلل في سطوره.
ثلاث ملاحظات

د. عمرو الشوبكي
من جانبه قال الدكتور عمرو الشوبكي - الخبير في شئون الحركات الإسلامية - : "إن البرنامج بلاشك يحمل إيجابيات وسلبيات، وأهم ما يتعلق بالجانب الإيجابي هو الشكل الذي خرج به البرنامج، وفكرة إرساله للمثقفين والسياسيين من خارج الجماعة، فهو شيء محمود، وأما على الجانب الموضوعي، فيحمد للبرنامج اتفاقه مع كافة قوى المعارضة على بعض القواسم المشتركة، منها: إطلاق الحريات العامة، وإلغاء قانون الطوارئ، وحق تكوين الأحزاب".
وأضاف الشوبكي: "ولكن يؤخذ على البرنامج ثلاث ملاحظات، تتعلق أولاها باستبعاد غالبية الشعب المصري من الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، حيث استند البرنامج لتفسيرات فقهية ضيقة، متجاهلاً لتفسيرات أخرى حديثة للدكتور القرضاوي وآخرين، ممن لهم مصداقية داخل الجماعة، وينتمون لها في نفس الوقت".
أما الملاحظة الثانية فحددها الشوبكي في اقتراح البرنامج إنشاء مجلس أعلى للفقهاء أو لعلماء الدين، تكون له صلاحية مراقبة الحكومة المنتخبة من الشعب كله، في حين أن هذا المجلس لا يكون منتخبا إلا من مجموعة من العلماء، وتكون له صلاحيات أعلى من المجلس المنتخب من عموم الشعب، والذي يمثل القاعدة الأعم والأكبر.
الملاحظة الثالثة للدكتور عمرو الشوبكي كانت حول إقحام الإخوان في برنامجهم مفهوم المقدس والديني، وجعله في غير محله، فصبغوا الحزب بالصبغة الإسلامية، وأدخلوا الدين في أغلب فقراته دون حاجة لذلك، على حد قول الشوبكي.
رؤية قبطية
أما سامح فوزي – وهو باحث قبطي – فقد علق على برنامج حزب الإخوان قائلاً: "إن برنامج الإخوان تمتع بعدد من المميزات، منها: أن حديثه كان عن دولة قومية وليس عن كيان أممي، وهذه خطوة مهمة، فالبرنامج في بعض تفصيلاته يعكس المصرية، والتي يحتوي معها وفي أرجائها الحضارة الفرعونية والإسلامية والقبطية، وكافة الحضارات والقيم المصرية".
وأشار فوزي إلى أن المصرية إدراك أوسع من الطرح السابق للإخوان والفكرة السائدة لديهم سابقا، وهي فكرة الأمة الإسلامية، والتي يغلب عليها الإطلاقية، ولا تأخذ في اعتبارها أن هناك كيانات صغيرة، ولذلك فالبرنامج يعبر عن المصرية بحق.
وأخذ الباحث القبطي على البرنامج أنه لم يجتهد في حل إشكالية الولاية العامة، في حين هناك مدارس إسلامية أخرى اجتهدت وطرحت حلولاً لهذه الإشكالية في إطار الدولة القومية الحديثة، على سبيل المثال حزب الوسط (تحت التأسيس)، حيث طرح الحزب فكرة أن يتولى القبطي وأن تتولى المرأة رئاسة الجمهورية، على اعتبار أن ذلك من الولايات الخاصة في ظل دولة مؤسسات.
وأضاف فوزي: "إن هذا الطرح هو امتداد حقيقي لاجتهادات وضعها الدكتور محمد سليم العوا، والمستشار طارق البشري، واللذان ذهبا إلى أن رئاسة الجمهورية من الولايات الخاصة في دولة المؤسسات، وهذه الولايات لا يستطيع صاحبها أن يتصرف بمفرده، ويظل محكوما بضوابط مؤسسية وقانونية تحول دون انفراده بالسلطة، ومن هنا لا يهم أن يكون شاغل هذا الموقع مسلما أو غير مسلم، طالما أنه مواطن ويلتزم بالنظام العام".
تحت تهديد السلاح
من جانبها رفضت الكاتبة صافيناز كاظم التعليق على البرنامج، مقللة من قيمة هذا الطرح، ومناقشة مثل هذه الموضوعات، خاصة وأن الإخوان مضطهدون في كل مكان، وتنصب لهم المحاكمات العسكرية.
وقالت صافيناز: "إن من الصعب مناقشة برنامج للإخوان، وهم تحت تهديد السلاح، والمحاكمات والاعتقالات تجري لهم كل يوم وليلة"!!.
ولفتت صافيناز النظر إلى أن العبرة ليست فيما كتب الإخوان، ولكن تبقى في التطبيق والممارسة، فمن السهل تنميق الكلام وتزيينه.
البشري يرفض التعليق
حاولنا التعرف على رأي المستشار طارق البشري – المفكر ونائب رئيس مجلس الدولة المصري السابق – إلا أنه رفض التعليق على برنامج حزب الإخوان في هذا الوقت، وطلب التأجيل لعدة أيام، معللاً ذلك بأن البرنامج وصل إليه في وقت مبكر، إشارة منه إلى أنه كان من الذين تم أخذ رأيهم من قِبَل الإخوان في المسودات الأولى لبرنامج حزبهم.
المرشد يرد

أ. مهدي عاكف
من جانبه فإن الأستاذ محمد مهدي عاكف - المرشد العام للإخوان المسلمين – أوضح في تصريحات لعدة مصادر أن البرنامج تم وضعه وفق رؤية واختيار عقائدي، لا يمكن المساس بخطوطه العريضة والتي استند فيها علي العقيدة والشريعة واجتهادات الفقهاء الكبار وإجماع الأئمة.
وقال عاكف: "إن الإخوان قاموا بإرسال البرنامج للنخب والمثقفين لتجميع وجهات النظر المتعارضة والمختلفة مع الخط الأساسي للبرنامج، ومن ثم تقريب هذه الاختلافات أو على الأقل الاستفادة منها".
وفيما يتعلق بالمواصفات التي وضعها البرنامج لرئيس الدولة، قال عاكف: "إن هذا الاختيار جاء متوافقا مع الشريعة الإسلامية، وهو لا يتعارض في نفس الوقت مع المواطنة، فنحن قبل أن ننشغل بكسب رضى المفكرين والمثقفين عن برنامجنا، مشغولون أن يرضي هذا البرنامج ربنا".
وحول اقتراح البرنامج إنشاء مجلس أعلى للفقهاء له صلاحيات رقابية، وهو ما انتقده المفكرون، قال عاكف: "إن هذا المجلس استشاري، وهو عبارة عن هيئة منتخبة، حتى لا تصدر تشريعات وقوانين مخالفة للنصوص وما استقر علية الدين، وتسري قراراته على كافة المؤسسات الأخرى المنتخبة".

No comments: